زراعة قلب صناعي في فلسطين هو الأول على مستوى الشرق الأوسط

 زراعة قلب صناعي في فلسطين هو الأول على مستوى الشرق الأوسط

تمكن فريق طبي فلسطيني قبل عدّة أيام، من إجراء عملية جراحية تعدّ الأولى من نوعها في فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط، تمّت خلالها زراعة قلب صناعي لمريض يعاني من فشل حاد في عمل عضلة القلب منذ ثلاث سنوات.

البروفيسور سليم الحاج يحيى، المشرف على الفريق الطبي الذي أجرى العملية الجراحية في  مدينة نابلس (69 كيلومترًا شمال القدس المحتلة)، أوضح أن الشاب المريض أحمد سياعرة (19 عامًا)، عانى من تضخم في عضلة القلب وفشل في وظائفها بنسبة 90 في المائة، منذ أن كان في السادسة عشرة من العمر.

وأضاف الرئيس التنفيذي لمستشفى “النجاح الوطني” في مدينة نابلس، خلال حديث مع “قدس برس”، أن المريض سياعرة وصل إلى المستشفى قبل أربعة أشهر، بعد أن كان قد تنقل بين عدد من المستشفيات المحلية، وبعد إجراء الفحوصات المطلوبة تبيَنت الحالة التي يعاني منها بشكل واضح، وعندها مباشرة بدأت مرحلة تجهيز المريض لإخضاعه لعملية زراعة القلب الصناعي.

وأشار إلى أن المستشفى كان قد بدأ منذ عام، إعداد وتحضير غرفة العمليات اللازمة لمثل هذا النوع من العمليات، وتوفير المعدات والطاقم الطبي المختص لإجراء عملية بهذا التعقيد والخطورة.

وأوضح البروفيسور أن العملية تحتاج إلى دقة متناهية وتنطوي على “تحدٍّ علمي تكنولوجي وطبي جراحي”.

وشدّد المستشار السابق للحكومة البريطانية لشؤون زراعة الأعضاء، على أن العملية تحتاج لفريق متكامل بارع وليس طبيبا واحدا مختصا، حيث بلغ عدد الفريق الذي أجرى العملية 15 فردا بين طبيب مختص وفنيي تخدير وممرضين تم تدريبهم بالمستشفى ذاتها، ناهيك عن الطواقم الأخرى في المستشفى والتي كان لها دور في العملية التي استمرت لـ 10 ساعات متواصلة، خاصة أقسام الأشعة والمختبر وغيرها.

وروى بعض تفاصيل العملية، قائلاً “لقد تم شق صدر الشاب المريض وربطه بماكينة قلب ورئتين صناعية، وتمّت زراعة القلب الاصطناعي الذي هو عبارة عن مضخة ذكية مصنوعة من مادة التاتينيوم، والتي تم اختراعها نتيجة أبحاث استمرت لأكثر من 15 عامًا”.

وبيَن أن هذه المضخة تعتمد على مجال مغناطيسي يتم من خلالها سحب الدم من القلب الذي يقتصر دوره كقناة مرور، إلى الشريان الأبهر، وتكون المضخة مربوطة ببطارية وجهاز صغير خارج الجسم يشبه الجهاز النقال، ويتم من خلاله التحكم بمعايير المضخة والتعرف على كمية الكهرباء والمجال المغناطيسي داخل القلب.

ولفت البروفيسور الذي أشرف على عمليات زراعة قلب صناعي في بعض دول العالم، أن هناك دراسات علمية يتم العمل عليها من أجل الوصول إلى تطوير هذا القلب ليقتصر وجوده داخل جسم الإنسان ويتم التحكم به عن طريق اللمس من فوق طبقة الجلد، مشيراً إلى أن القلب الصناعي الذي تم زراعته للشاب سياعرة ولعدد من المرضى في العالم، يمكن أن يبقى صالحا لأكثر من سبعين عاما، أو إزالته مع الوقت بحال عاد القلب إلى وضعه الطبيعي، والتزم المريض بالتوجيهات الطبية المطلوبة للحفاظ على سلامة القلب الصناعي من أي خلل.

وقال إن المريض يستطيع ممارسة عمله وحياته الطبيعية ما دام ملتزما بالإرشادات الطبية، واستمر بمراجعة الطبيب المختص بمتابعة حالته الصحية.

وحول إمكانية إجراء عمليات مماثلة في المستقبل وتكلفتها، قال البروفيسور الفلسطيني “الإمكانية قائمة، بل إنها أصبحت متوفرة بصورة أسرع في المرات القادمة، ويجري حاليا التجهيز لعملية أخرى لشاب فلسطيني يعاني من نفس المشكلة الصحية”.

تكلفة أقل وجودة عالية
وتفوق تكلفة هذه العملية نحو ربع مليون دولار في المستشفيات البريطانية المتخصّصة بإجراء هذا النوع من الجراحة، في حين أن تكلفة إجرائها في مستشفى “النجاح” بمدينة نابلس بلغت نحو 90 ألف دولار، “وبنفس الجودة والنتائج”، وفق ما أعلن عنه الفريق الطبي المشرف على العملية.

وأكد على أن الإعلان عن  إجراء العملية “ليس مجرد حدث إعلامي فقط”، وإن الهدف الرئيس هو “نقل رسالة للمجتمع الفلسطيني والعربي، مفادها أن هناك عقولا وطاقات فلسطينية قادرة على فعل المستحيل وتحقيق ما عجز الكثيرون عن إنجازه، بالرغم من كل العوائق الموجودة وعلى رأسها الاحتلال”.

وأضاف البروفيسور إن “ما حدث في فلسطين بالرغم من وجود الاحتلال الإسرائيلي والعقبات التي يضعها، لاسيّما منعه لدخول بعض الأجهزة والمعدات الطبية للأراضي الفلسطيني بحجج أمنية، يعدّ إنجازا للشعب الفلسطيني برمته، وهي خطوة إلى عودة الثقة بالطبيب الفلسطيني وإمكانياته وإبداعاته”، وأكد على إيمانه بالعقل والإبداع الفلسطيني والعربي وأهمية عمل الفريق الكامل والمتكامل.

وذكر الحاج يحيى وهو أحد مؤسسي برنامج زراعة القلب الصناعي في اسكتلندا وأول من عمل عملية القلب الصناعي فيها، أن هكذا إنجازات تُعيد الثقة للطب والأطباء الفلسطينيين، والمطلوب القيام بخطوات وبذل جهود لتحفيز العقول الفلسطينية الموجودة في الخارج للعودة إلى الأراضي الفلسطينية.

كما بيّن أن هناك اتصالات تصل من كفاءات فلسطينية موجودة في الخارج ترغب في العودة إلى فلسطين بالرغم من الواقع الموجود، مشيرا إلى أن بعض هذه الكفاءات مختصة بموضوع القلب وزراعة النخاع وغيرها من التخصصات النادرة في العالم.

ودعا الحاج يحيى الجمهور الفلسطيني إلى تقوية ثقته بالعقول الفلسطينية الطبية، في ظل التقدم المتسارع في كافة الاختصاصات والإنجازات المختلفة في هذا القطاع.

من جانبها، أشادت والدة المريض سياعرة بالدور الذي لعبه الطاقم الطبي الفلسطيني، خلال العملية التي أجريت لنجلها مؤخرا.

وشدّدت على أن ثقافة الفلسطينيين تجاه العقول والكفاءات المحلية يجب أن تتغير، وتتحول إلى ثقة كبيرة في ظل الخبرات الكثيرة المتوفرة في الساحة الطبية الفلسطينية.

وقالت “إن قدرات الآخرين لن تكون بأفضل مما هو عليه في فلسطين، وليس أدل على ذلك العملية الأخيرة التي أجريت لنجلي، والتي قلّما يتم تحقيقها في كثير من دول العالم التي تتغنى بالتطور والتقدم، والتي تتوفر فيها كل الإمكانيات بدون أية عوائق”.

طارق

https://ourdailyknocks.com

نحن الذين نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا فنرسم طريقًا للجمال ونرتقي سببًا في سماء الإبداع ونمتطي صهوة الابتكار، أجيال هُمشت على مدى التاريخ لكنها لم تمل من طرق جدران الخزان كي ما يسمع العالم إنجازها ويشهد لها بالتألق في ميادين العطاء..

طرقات مشابهة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *