رنا الرملاوي من غزة أول نحاتة في فلسطين تجسد القضية بالرمال

 رنا الرملاوي من غزة أول نحاتة في فلسطين تجسد القضية بالرمال

بخطوطٍ عشوائية، تداعب بيديها حبات الرمال الصفراء، الممتدة على شاطئ البحر، تُحدث نفسها بأحاديث الروح والتأمل، تبوح بأسرار النفس الكامنة، وتحلق مع روحها في سماءٍ تحتشد فيها الغيوم، وتتزاحم القطرات للهطول، علّها تحمل من السلام ما يغمر قلبها ويهبها الاطمئنان.

كانتْ جلسة البحر، بمثابة اللحظة التي أدركت معها الشابة رنا الرملاوي (24 عاماً)، أنّ ليديها مستقبلٌ في تطويع هذه الحبيبات من الرمال لتُعبر عن ذاتها، وتُخرج ما بقلبها من مشاعر لتتجسد أمام عينيها، حينما تفاجأت بأنها قد رسمت إنساناً كاملاً.

موهوبة منذ الصغر

رنا الرملاوي تنحت ملامح سانتا كلوز

لم يكن ذاك الإنسان يحمل تفاصيلاً كاملاً، لكنه حظي على إعجابِ كل من مر إلى جانبها أو ألقى التحية، كان جسداً يجذبُ كل من نظر إليه، ليُخبر أنّ من صنعته تمتلكُ من الإبداع ما قد يؤهلها لنحتِ المزيد من الأفكار.

لم تتلق الرملاوي تعلم فن النحت في أي مكان، فقد كانتْ موهوبة في مجال الرسم منذ صغرها، وحينما أتمتْ الثانوية العامة، قررت الالتحاق بكلية الفنون الجميلة، إلا أنّها صُدمت بالرفض، لأنّ معدلها لا يسمح لها بدخوله.

رفض الجامعة، كانَ بمثابة صدمة لم تتقبلها الرملاوي، فتركت آثاراً سلبية لم تشفى منها حتى اللحظة، وهيُء لها بأن حلم حياتها قد خفتُ في الأفق، إيذاناً بالاندثار، لكن الرملاوي حاولت كثيراً أن تجتاز هذه المحطة الصعبة في حياتها، وقررت الالتحاق بالعديد من المؤسسات.

الداعم الوحيد

تجربة لم تكن موفقة برأي الرملاوي، فلم يكن أحداً يبدي الاهتمام الكبير في تطوير موهبتها، أو استغلالها بالشكل الصحيح، وبدأ اليأس ينهش في روحها من جديد، لملمت شتات نفسها، وصافحت قلبها، وقررت أن تكون نفسها هي الداعم الوحيد لها، والدافع من أجل التطوير أكثر.

بدأت نحوت الرملاوي تحمل مع كل مرة جديدة تنحتُ فيها، تفاصيلاً أدق، وتعابيراً أجمل، لتبدو للناظر ويكأنّ روحاً تتنفسُ فيها، وصوتاً يحمل الكثير من الأحاديث ليبوح بها إلى ناظرها، وبذلك أصبحت أول فنانة تنحت على الرمال في قطاع غزة.

ويعتبر فن النحت على الرمال، فن ٌقديم من الفنون المرئية، لكنه برز إلى الوجود بشكل خاص في أواخر القرن العشرين، مع تزايد أهمية العدسة في الحياة اليومية للإنسان.

مشاعرٌ ملموسة

وعمّا يميز هذا الفن عن غيره من الفنون، تقول الرملاوي إنه فن يتيح للإنسان لمس الأشياء بيده، ويُمكّنه من إخراج مشاعره وأحاسيسه على أرض الواقع، في رسومات تجمع بين التجسيد والروح.

لقد كانت الرملاوي بمثابة فتاة تحمل في قلبها قضية فلسطين أينما خطت يداها وذهبت، إلا أنّها واجهتْ موقفاً صعباً حينما أصيب شقيقها خلال مسيرة العودة، وكادت أن تُبتر قدمه، دخلتْ معه رنا في موجة حزن انقطعت فيه عن النحت لمدة شهر كامل.

وتوضح أنّ من أكثر الأمور التي يجب أن يتسلح بها الفنان النحّات قبل أن يبدأ بأي رسمة، هي التمتع بنفسية جيدة وبحال جسدية كذلك، وأن يمتلك الفكرة كاملة في ذهنه، مع توافر أدواته اللازمة لإنجاز عمله.

تجسيدٌ للواقع

يوم الأسير الفلسطيني 17-4

متعةُ كبيرة تغمر روح الرملاوي، حينما تبدأ في نحت فكرتها، فتندمجُ بشكل كامل مع ما تنتجه يداها، وتغرق في عالم أفكارها، لتنتج بعد ذلك، قضية متكاملة، وواقعاً حقيقاً يشعرك بأنه ماثل للعيان أمام عينك.

وحول رسومات الرملاوي، فتبين أنها لا تنحتُ شكلاً منفرداً، بل فكرة متكاملة توصل من خلالها القضية المراد إيصالها، وتستغرق من الوقت لإنهائها، يوم أو اثنين.

رسومات كثيرة تلك التي أوصلت الرملاوي من خلالها مشاعرها لمن حولها، فنحتت رسالة تضامنية مع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، وكذلك عبرت عن تضامنها مع حرية الإعلام حينما قُصفت قناة الأقصى الفضائية.

من أقرب النحوت على قلب الريماوي، حينما جسدت شخصية الصحفي الشهيد ياسر مرتجى وهو يلتقط بعدسة كاميرته كلمة “راجعين“، والمسعفة الشهيدة رزان النجار، والشهيد الذي قتلته إسرائيل على كرسيه المتحرك، بالإضافة لنحتها للمرأة التي تحتضن شجرة الزيتون وتتشبث بها.

إيمانٌ كبير

عائلة الرملاوي، والكثير من الأصدقاء حولها، تتملكهم مشاعر الإعجاب بعد كل نحتة تصنعها، فيبعثون إليها بعبارات التشجيع والتحفيز على الاستمرار.

وتوضح أنها لن تتوقف عن السير في هذا المجال، من أجل قضيتها ومن أجل إيصال رسالة لكل من منعها عن إكمال حلمها، بأن الذي يمتلك إيماناً في قلبه، لن توقفه أي معوقات.

وتطمح الرملاوي، أن تُصبح سفيرة لفلسطين، إلى كل دول العالم، لتجسد من خلال نحوتها القضية الفلسطينية وإظهارها للعالم الخارجي، وتكشف الوجه المزيف للاحتلال الإسرائيلي الذي يسرق الأرض، ويمعن في ظلم الشعب الفلسطيني.

وتتمنى الرملاوي أن يتم احتضان جميع المواهب المميزة التي يمتلكها الفنانون في قطاع غزة، فقد أوصلوا رسالة للعالم أنّ لا شيء من الممكن أن يحاصر إرادتهم وعزيمتهم.

تقرير صحفي عن رنا الرملاوي على وكالة يونيوز للاخبار

قائمة المصادر:

طارق

https://ourdailyknocks.com

نحن الذين نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا فنرسم طريقًا للجمال ونرتقي سببًا في سماء الإبداع ونمتطي صهوة الابتكار، أجيال هُمشت على مدى التاريخ لكنها لم تمل من طرق جدران الخزان كي ما يسمع العالم إنجازها ويشهد لها بالتألق في ميادين العطاء..

طرقات مشابهة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *