“بنت الجبل”.. قصة إنسانية فلسطينية تحصد جائزة دولية

حملوا معاناة شعبٍ وصمود امرأةٍ أبت أن تترك بيتها للمحتل.. أدّوا واجبهم المقدس كإعلاميين، ليوصلوا رسالتهم للعالم في محفل جمع أقطاب المعمورة.. مشروع تخرجهم قدّموه مرّةً فنالوا درجة البكالوريوس، وقدّموه للعالم أجمع فنالوا احترام الجميع.
رغيد طبسية، وأنس سعادات، وحذيفة بكر، وياسر أبو الهيجاء.. خريجو قسم الإذاعة والتلفزيون في جامعة النجاح الوطنية، ومخرجون شباب حقّقوا منذ أيام بفيلمهم “بنت الجبل” المركز الثالث في جائزة ناصر بن حمد الدولية للإبداع الشبابي عن فئة الأفلام الوثائقية، في حفلٍ أُقيم في العاصمة البحرينية المنامة.
وشارك في المسابقة 5773 عملاً قدمها شبان من 111 دولة حول العالم، تنوعت بين مجالات ستة وهي: الإبداع العلمي، والتصميم المعماري، والتصميم الجرافيكي، والتصوير الفوتوغرافي، وإنتاج الأفلام والرسم والتشكيل.
وأنتج خريجونا فيلمهم عام 2015 استكمالاً لمساق مشروع التخرج، قبل أن يشاركوا به في مهرجان جامعة النجاح للأفلام الوثائقية، ويفوزوا بالمرتبة الثانية.

قصة الفيلم وتسميته
تدور أحداث الفيلم الوثائقي الذي يتخذ شكل “ديكو دراما” حول امرأة فلسطينية تعيش في قرية بورين قضاء نابلس برفقة أبنائها وعائلاتهم، حيث يتعرض منزل الحاجة حنان صوفان (أم أيمن) للعديد من الاعتداءات من قبل مستوطني مستوطنتي براخا ويتسهار الجاثمتين على أراضي القرية.
ويستعرض الفيلم اعتداءات الاحتلال على أفراد عائلة صوفان، إضافة لحرق المنزل وحرق أشجار الزيتون، وقتل المواشي التي يمتلكها أفراد العائلة الذين يعملون في الزراعة والرعي في جبال بورين، التي تخلو من السكان باستثناء الحاجة أم أيمن وعائلتها مستخدماً الصور الحقيقية للحدث في بعض الأحيان، وإعادة تمثيل الواقع في الأحداث التي لا يوجد صور حقيقية توثقها.
ويبرز الفيلم صمود أم أيمن وعائلتها في وجه اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه، فهي رغم كل المضايقات التي تهدف لطردها من منزلها، لم ترضخ لما يريده الاحتلال ولم تستجب لكل المغريات من قبله؛ حيث أكدت أم أيمن خلال الفيلم تمسكها بأرضها حتى الموت مسطّرةً قصة بطولة فلسطينية بأيدٍ نسائية.
ويعود إطلاق مخرجي الفيلم اسم “بنت الجبل” على فيلمهم في تعبير عن الحاجّة أم أيمن التي تحمي بصمودها الجبل الذي تقع عليه بورين، وتحرم المستوطنين من الاستيلاء عليه، فهي ولدت في هذه الأرض، وترفض إلا أن تموت فيها فاستحقت لقب “بنت الجبل”.
أهمية الفيلم
تنبع أهمية الفيلم من أهمية القضية التي يطرحها، وهي قضية الاستيطان الذي بات يشكل خطرًا كبيرًا على الإنسان والأرض والمقدسات في فلسطين، وهو السرطان الذي توغل لينهش مساحة كبيرة من الأراضي الفلسطينية، كما يمتاز فيلم بنت الجبل- ومدته 20 دقيقة- بالتوظيف المناسب للرمزية وللتعبيرات السينمائية التي تنم عن عقلية احترافية وإبداعية لمخرجي الفيلم، إضافة لتقنيات التصوير والمونتاج المبهرة.
إنسانية عالمية
عمل مخرجو الفيلم على ترجمته للغة الإنجليزية، لأن قضية الاستيطان تأخذ بعداً إنسانيًّا عالميًّا، وتطرح في كافة المحافل الدولية، وهي التي تعتبر غير شرعية في نظر العالم بأكمله، ويرى المخرجون أن من الضروري أن يتعرّف العالم على الخطر الذي يشكله الاستيطان على الفلسطينيين.
ويوجه مخرجو الفيلم رسالتهم لدعم صمود عائلة صوفان التي تواجه وحدها مخططاً استيطانيًّا للاستيلاء على مساحة كبيرة من الأراضي، كما يدعو مخرجو الفيلم المؤسسات النسوية ومؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات المناهضة للاستيطان، إلى العمل على إيصال الفيلم إلى الجمهور العالمي، لتصل رسالة الفيلم ويكون له التأثير المطلوب.