الحصار.. إلهام حزين يجسد آلام غزة بإبداع شبابها
في حصار غزة المشاهد متباينة والمعاناة متراكمة، مواطنون.. مهنيون.. موظفون.. عاطلون عن العمل.. كلهم يعانون بأقساط مختلفة.
وكان 60 شابًّا من قطاع غزة سخّروا طاقاتهم وإبداعاتهم الفنية في مجالات (الموسيقى والأدب والإعلام، والفن التشكيلي) لتسليط الضوء على حصار غزة وأثره على الشباب الفلسطيني.
وعاش المشاركون في التجربة قسطاً مشتركاً من يوميات ومعاناة المزارعين والصيادين وقطاع السياحة والكهرباء والمجال الحقوقي طوال 12 يومًا شاهدوا فيها تفاصيل عملهم في إطار الحصار.
معاناة متواصلة
وتولّى برنامج التجمع الشبابي في إطار مشروع “التعلم المجتمعي”، الذي ينفذه المركز الثقافي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، بتمويل من روزا لوكسمبورغ الألمانية مواكبة وتنفيذ التجربة.
ويؤكد ماهر داود -منسق التجمع الشبابي- أن الهدف الأساسي هو دفع الشباب للمطالبة بحقوقهم قانونيًّا ليكونوا قادرين على إحداث تغيير إيجابي لمصلحة المجتمع والدفاع عن قضاياهم إبداعيًّا.
أما خلود أبو ظاهر -منسقة مشروع التعلّم المجتمعي- فتشير إلى أن فكرة تجميع الشبان الموهوبين ودمجهم مع فئات شبابية أخرى تعاني الحصار تهدف لعكس القضية إبداعيًّا.
وتضيف: “هناك أثر للحصار على الشباب سواء كانوا فنانين أو مزارعين أو صيادين ومهنا أخرى ثم درسنا معاناة كل فئة، ووظفنا مخرجات التفاعل لنقدمها بطريقة إبداعية للتعبير عن المعاناة”.
وتمكنت الطاقات الشبابية من تسليط الضوء على الانتهاكات التي ينتهجها الاحتلال في المجتمع الفلسطيني من خلال الحصار المفروض ما انعكس على حياة كثير من المهن ونقص كثير من الموارد اللازمة في العمل والحياة اليومية لقرابة مليوني نسمة.
مشاهد ملوّنة
تحتفظ جنّات بورقة خطت فوقها قصيدة شعر صاغتها كنتاج لحالة تفاعل من تفاصيل الحصار التي تعيشها مع زوجها وكل منهما يمارس مهنة مختلفة.
وتقول المهندسة جنّات اللحام -ماجستير مشاريع هندسية-: إنها معطلة عن العمل، وإن تجربتها في الحياة زوجةَ صيّاد بغزة تأثرت بالمعاناة اليومية التي يسببها الحصار.
وتضيف: “تجربتي في كشف معاناة وحصار غزة حركت مشاعري وهواية كتابة الشعر القديمة، أكثر شيء رأيته طموح الشبان بغزة، زوجي صيّاد ويعاني من الاحتلال وضعف العمل، وأنا أمارس مهنة الزراعة في قطعة أرض، وأحتاج للدعم والمساندة كغيري”.
أما عطاف النجيلي الفنانة التشكيلية فوظفت إدراكها بقسوة الحصار في غزة من خلال الريشة والألوان، وهي تزور عدداً من المواقع السياحية بغزة التي تفتقد للتطوير.
وتتابع :”المناطق الأثرية أغرتني لاستخدام الفن وعكس طاقة إيجابية رغم أننا نعيش حصارا متواصلا. حاولت نقل أهم آثار الحصار، زرت دير القديس هيلاريون الأثري، وهو من معالم غزة، ثم رسمت لوحة تحمل طائر الطاوس وقرص الشمس وحوض التعميد الشهير بالدير”.
وتمتلك الآنسة عزّة أبوزايد موهبة رواية الحكايات والقصص بأسلوب (الحكواتي) في بيئة تزخر بقصص ومواقف لا تنتهي مثل غزة المحاصرة.
تقول أبو زايد: إنها تمارس دور (الحكواتي) من سنوات، لكنها خاضت غمار تجربة فريدة عندما زارت مع مجموعة من الشبان مؤسسات وأصحاب مهن يعيشون معاناة يومية تحت الحصار.
وتتابع: “أحفظ ألف ليلة وليلة وأروي مثل شهرزاد. الآن أحاول تطبيق هذه الشخصية لأروي قصص مزارعين وصيادين بعد أن عشت معهم ورأيت حجم المعاناة والخطر”.
ويستخدم الشاب بكر خضر أوتار آلة الجيتار لعكس معاناة الإنسان في غزة من خلال العزف والغناء عن حياة معاناة الناس في قطاع غزة.
ويضيف: “زرت أصنافا من الناس يعانون، وعدت متفاعلاً مع الفن، فلحنت مع أصدقائي، وغنيت أغنية يا طير مسافر.. تعبر عن حرية التنقل والسفر مثل الطيور، وأغنية أخرى تعبر عن مشاعر حزينة وتقول: إن الخوف والمعاناة لا يمكن إخفاؤها”.